ترجمة عبرية - شبكة قُدس: أكد المستشار السياسي والباحث الإسرائيلي نمرود كورين، في مقال له نقلتها صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الإحباط السائد لدى المستوطنين الأكثر انتشاراً فيما يتصل بالحرب، بعد فشل جيش الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يتعلق بعدم قدرة الاحتلال على إلحاق الهزيمة بحماس.
وأضاف كورين، أنه "رغم أن إسرائيل نشرت قواتها على الأرض في غزة ونفذت مناورة عسكرية ضخمة، تكاد تكون بلا حدود من حيث الموارد أو الوقت، فإن حماس ما زالت واقفة على قدميها، وحتى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للمقاومين في غزة، والتفوق الجوي والبحري والبري لجيش الاحتلال، لم يؤد إلى انهيارها بعد نحو 9 أشهر متواصلة من القتال".
وأشار الباحث الإسرائيلي، إلى أنه "لسنوات، تصارع جيش الاحتلال مع ما يجب فعله مع غزة، ومن بين الخيارات التي حددها المسؤولون الأمنيون في عام 2020 على سبيل المثال؛ تم تصنيف احتمال استيلاء جيش الاحتلال على السلطة كأحد الخيارات الأخيرة، وأهم التحفظات التي أثيرت بشأن احتلال قطاع غزة تتعلق بالتكلفة الباهظة للأرواح البشرية، والفوضى التي ستنشأ في غزة، وغياب الشرعية الدولية لعملية واسعة النطاق، ومع ذلك، لم يتم النظر في احتمال عدم الإطاحة بحماس".
ويردف الباحث الإسرائيلي، أنه "كان من المستحيل أن نتصور معركة كـ 7 أكتوبر قبل وقوعها، كذلك كان من المستحيل أن نتصور أن أقوى قوة عسكرية في المنطقة، والتي سبق لها أن هزمت عدة جيوش في ستة أيام، لن تتمكن من هزيمة تنظيم محلي مقاوم".
وبحسب الباحث الإسرائيلي فإن "الجواب المفاجئ، الذي كان تحت أعيننا باستمرار، هو الأنفاق، علاوة على التفوق الذي اكتسبته حماس تحت الأرض. لقد تم بالفعل حرمان حماس من كافة "المزايا النسبية" الأخرى التي اكتسبتها؛ ومع ذلك، فإن السمة ما قبل العسكرية لحماس، أي نشاطها السري، لم تتأثر بشكل كبير".
ويقول الكاتب في مقاله: "يسكن التنظيم (حماس) الأنفاق، ويجري مناورات فيها، ويحافظ على تسلسل قيادي، ويحشد القوات المسلحة، ويحتجز رهائن تحت الأرض، وفي الوقت نفسه، تستخدم الأنفاق كقلعة، وتستمر في حفر أنفاق جديدة أثناء القتال، وهذا هو مصدر قوتها وسبب بقائها، وبدون الأنفاق، ربما كانت الحرب قد انتهت بالفعل في أكتوبر، وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال يعمل أيضًا في الأنفاق، ولكن على نطاق مخفض بشكل كبير، إلا أنه لا يبقى فيها بشكل دائم ولا يسعى جاهدا للسيطرة على الوسط تحت الأرض".
بالإضافة إلى ذلك، يضيف الكاتب: جيش الاحتلال يتجنب إدخال قوات كبيرة داخل الأنفاق، والعمليات التي يقوم بها تحت الأرض تشبه من حيث النطاق النسبي العمليات التي تقوم بها حماس فوق الأرض أي عمليات مستهدفة وصغيرة الحجم.
ويشير، إلى أن "حماس ترتفع فوق السطح، وتطلق صواريخ مضادة للدبابات، ثم تنزل بسرعة إلى داخل النفق، ويهبط جيش الاحتلال الإسرائيلي تحت السطح، ويدمر البنية التحتية، ثم يعود إلى السطح.
ويرى الكاتب والباحث الإسرائيلي، أن "المنطقة الواقعة فوق الأرض تسيطر عليها قوات الاحتلال، وتحت الأرض تسيطر عليها حماس بالكامل، وأثناء الدخول البري في نهاية شهر أكتوبر والعملية المكثفة التي قام بها جيش الإسرائيلي، انسحبت قوات حماس إلى تحت الأرض وأقامت خط دفاع هناك.
ويشير الباحث، إلى أن التصريحات المهينة التي تسمع في الاحتلال بأن "زعيم حماس يحيى السنوار يختبئ مثل الفأر في جحره، لا تنبع من عدم الاحترام الذي ينطوي عليه البحث عنه في رمال غزة العميقة، ولكن بشكل رئيسي من الإحباط والقلق من أنه لا يمكن بالوسائل الموجودة النزول إلى أعماق الأنفاق ووضع الأيدي على كبار مسؤولي حماس المتحصنين فيها"، على حدّ قوله.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تعرض قوات الاحتلال التي دخلت إلى أعماق الأنفاق إلى أضرار جرّاء محاصرة الأعمدة وغياب الحماية للجنود.
ورغم تمتع الاحتلال الإسرائيلي بإمكانات تكنولوجية عسكرية وأمنية عالية المستوى، لكنه لم يكن مستعدا بشكل كبير للحرب تحت الأرض، سواء من حيث الأسلحة المخصصة والأفراد المدربين أو العقيدة القتالية؛ فهو لا يملك ناقلات جند مدرعة تحت الأرض، ولا قوة أنفاق، ولا عقيدة قتالية شاملة، وغيرها من الموارد اللازمة لمحاربة الوسط الرئيسي الذي يتواجد فيه مقاومو حماس، كما أنه من المستحيل أن نتصور حرباً بحرية فعّالة من دون سفن حربية، وغواصات، وأفراد من البحرية، فمن غير الممكن هزيمة قوة متمركزة تحت الأرض من دون الموارد اللازمة.
في الأيام الأولى من الحرب، وفقا للباحث، ومع الصدمة من أحداث السابع من أكتوبر، انتشرت فكرة الانتحار على نطاق واسع لدى الاحتلال الإسرائيلي، وظن كثيرون أن المعركة التي نفذتها حماس حسمت مصيرهم، وأن هدفها كله بعد 7 أكتوبر هو إلحاق أكبر قدر من الضرر بالاحتلال الإسرائيلي بينما ينهار ويدمر.
ويقول: بقاء التنظيم أي حماس، وكبار أعضائه بعد هذه الحملة القوية التي دامت تسعة أشهر يتطلب إعادة النظر في هذه الفرضية فيما يتعلق بالقضاء على حماس. لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل اعتقدت حماس أن الاحتلال سيعلن حرباً شاملة عليها؟ الجواب هو نعم على الأرجح. هل اعتقد قادتها أنهم سيكونون قادرين على النجاة من هذا النوع من الحرب؟ وهنا أيضاً ربما تكون الإجابة نعم.
وكانت حماس تدرك أنها تمتلك رصيداً استراتيجياً عملت على تطويره على مدى عقدين من الزمن، وهو ما من شأنه أن يسمح لها بالبقاء حتى في حالة احتلال قطاع غزة، وهو احتلال أرضي، ولكن ليس احتلالاً تحت الأرض، ومن الممكن أن يكون هذا الفهم لامتلاكه هذه التكنولوجيا، وهي قبة حديدية تحت الأرض، والتي تضمن بقاء أعلى لمعظم الجيوش في المنطقة، قد دفع حماس إلى شن الهجوم في 7 أكتوبر والاستفادة الكاملة من هذه الأصول الدفاعية، والتي لم يتم الطعن فيها حتى ذلك الحين، مع العلم أن الاحتلال الإسرائيلي لا يملك الوسائل للتغلب عليها، ويكتفي بمحاصرتها.
ويشدد الكاتب، أن الاستخدام الذي تمكنت حماس من تحقيقه من الأنفاق يعد رائدا، مما يمنحها التفوق التكنولوجي في ساحة المعركة تحت الأرض.